29‏/11‏/2010

الملل … آفة العصر...!!!






في ظل اهتمام الحضارة المعاصرة بالناحية الجسدية من الإنسان ، وبسبب ضغط الواقع المادي الذي يعيشه أكثر الناس اليوم ، ولضعف صلتهم بربهم وطاعتهم له .. انتشرت ظاهرة غريبة في حياة المسلمين ألا وهي : ظاهرة الملل والسآمة ، والشعور بالضيق والضجر.. والتي أصبح لها وجود نسبي يقل ويكثر لدى الكبير والصغير ، والذكر والأنثى ، وصار كل واحد منهم يعبر عنها بأسلوبه الفريد ، وطريقته الخاصة.

وسائل العلاج:

أولا: تحديد الهدف :
ولعل هذا الامر من أهم وسائل العلاج ، إذ أن غالب الذين يشعرون بآفة الملل أصيبوا به بسبب أنهم حصروا هدفهم في هذه الحياة على الجوانب المادية منها ، فحين تسأل أحدهم : ما هدفك في الحياة؟ يجيبك بأن هدفه ! وأمنيته أن يكون ذو مال كثير أو وظيفة عالية،أو أن تجد أحدهم قد حصر هدفه على جزء قليل من العبودية والطاعة لله ، أما المساحة الكبرى من حياته والأعمال الكثيرة التي يؤديها فقد أخرجها من عبودية الله إلى عبودية نفسه وهواه وشيطانه.

ثانيا: القيام بالواجبات على الوجه المطلوب :
كل مسلم حقيقة لا ادعاء تجده ولله الحمد يؤدي واجباته الإسلامية ولا يترك منها شيئا سواء كانت الصلاة أو الزكاة أو الصيام أو الحج ، أو غيرها من أركان الإيمان وبقية الواجبات ، ولكن عندما ينظر الواحد منا في كيفية أدائه لهذه الواجبات يلحظ على نفسه أنها ليست على الوجه المطلوب ومن ذلك . أن تعيد النظر في عمود دينك بالمحافظة على أدائها على الوجه الأكمل ، لعل الله أن يقبلها كاملة منك لا أن ترد عليك ، أو لا يقبل منها إلا القليل ، نعوذ بالله من الغفلة والخذلان .

ثالثا: المنافسة في الطاعات :
ا - المحافظة على السنن الرواتب ، وهي اثنتا عشر ركعة، فمن حافظ عليها بنى الله له بيتا في الجنة كما جاء في الحديث .
2- الالتزام بقراءة نصيب من القران الكريم ، إما أربع ، أو ست ، أو عشر صفحات .
3- صلاة الضحى .
5- صيام الأيام الفاضلة كست من شوال ، والعشر من ذو الحجة ، والثلاث البيض من كل شهر 13,14,15 ويومي الاثنين والخميس .
6- الصدقة بين فترة وأخرى ولو بالقليل .

رابعاً : الابتعاد عن الذنوب والمعاصي :
الذنوب في حياة المسلم كالحيات والعقارب تنفث سمومها القاتلة ، وأمراضها الفتاكة وهو لا يشعر إلا بشيء من آثارها المؤلمة وثمارها المرة كحصول الهم والقلق ، والملل والسآمة ، وحرمان الرزق ، ونقص البركة في العمر والملل إلى غير ذلك .

خامسا: التحصن بالأذكار والأدعية :
1- أذكار الصباح والمساء .
2- أذكار الأحوال والمناسبات كدعاء النوم والاستيقاظ ، ودخول البيت والخروج منه .
3- أذكار ما بعد الصلوات الخمس .
4- النفث على الجسم عند النوم ثلاثا بقراءة سورة الإخلاص ا لمعوذتين
5- ذكر التهليل مائة مرة
6- قراءة الآيات والأدعية .
7- كثرة الدعاء إلى الله سبحانه وتعالى بأن يخلصك، من هذه الآفة ومن كل شر ومصيبة.

سادسا: مليء الوقت بما يفيد من الأعمال :
ا- حضور دروس أهل العلم ومجالسة العلماء وزيارتهم .
2- القراءة والاطلاع في كتب التراث العلمية أو الكتب المعاصرة، ومتابعة أحوال العالم الإسلامي من خلال المجلات المختصة الجادة .
3- الإلتحاق بحلقات تحفيظ القران الكريم تجويده في بعض المساجد، دارساً أو مدرساً.
4- الدخول في ميادين تجارية وأعمال مهنية مدروسة ليستفيد منها ويفيد .
5- الزيارات الهادفة وصلة الرحم للأقارب والأرحام والأصدقاء .
6- المشاركة في الأنشطة الخيرية والأعمال المفيدة للمجتمع ، مثل جمعيات البر ، ومكاتب الجاليات ، ومؤسسات الإغاثة والدعوة وغيرها .
7- الإلتحاق بالدورات الفنية والبرامج العلمية التي تقام في بعض الجهات والمصالح لاكتساب خبرات إدارية ومهارات شخصية.
8- ممارسة الرياضة البعيدة عن المحرمات وما ينافي الأخلاق .
9- تعلم الحاسب الآلي والاستفادة من برامجه العلمية، واستغلاله في الدعوة إلى الله . . إلخ.

سابعاً : العيش في بيئة صالحة :
ما أحسنَ قول من قال إن أهمية البيئة الصالحة للمسلم في هذا العصر وإذا كان الله سبحانه وتعالى قد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتمسك بها والحرص عليها وهو النبي المعصوم ، فنحن المساكين التي تحيط بنا الفتن من كل جانب أولى بهذه الدعوة ، قال تعالى :
( واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ) .
ولكن من المسلمين من ليست الصحبة الصالحة على باله وليس لها موضع في اهتمامه وتفكيره بحجة أنه يعرف مصلحة نفسه وفي غنى عنها مادياً أو معنوياً. ومنهم من تجده العكس يعيش مع صحبة وأصدقاء يكاد لا يفارقهم ولا يفارقونه ، غير مبال أن يكونوا صالحين أو طالحين .وهذا وذاك كلاهما على خطأ، لأن المطلوب أن يكون الإنسان اجتماعياً وإذا أراد أن يكون له صحبة عليه أن يختارها بعناية وشروط دقيقة حتى ينتفع بها في كل جانب من جوانب حياته .

ثامنا : القيام بواجب الدعوة والإصلاح :
وإن إشغال النفس ، بواجب الدعوة والإصلاح للناس لهو كفيل بإذن الله تعالى بإسعاد القلب ، وطمأنينة النفس ، وإزالة ما تشعر به من تلك الهموم التي يشعر بها كثير من الفارغين عن مثل هذه الهموم الدعوية، ومن تقتصر اهتماماتهم وتفكيرهم حول أنفسهم وحاجاتهم الذاتية ، وملذاتهم الخاصة ، ومستقبلهم الدنيوي .
إذ الداعية يكسب بهذه الوظيفة الاستجابة لأمر الله تعالى : (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ) ، ويكسب طاعة رسوله صلى اله عليه وسلم القائل : (بلغوا عني ولو آية ) و ( لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم ) ،
ومن أفضلها طريق الدعوة الذي لا يتطلب منك أن يكون لديك العلم الكامل ، والفقه الشامل بأمور الدين كلها ، كلا ، إنما يكفي أن تبلغ غيرك ما لديك من علم وأحكام ، بالأسلوب الحكيم والطريقة الجذابة، وأن تحمل هذا الهم والحرص عليه في أي مكان وزمان ، سواء عبرت عنه بالكلمة الطيبة، أو النصيحة الصادقة ، أو القدوة الحسنة ، أو إهداء الكتاب والشريط المناسب ، أو الدلالة على الخير، أو غير ذلك مما له الأثر الفعال ، والثمرة المرجوة .

تاسعا: الصبر والشجاعة في مواجهة الأقدار:
إن الإنسان ذو الإيمان القوي تجده عندما يصاب بأي مصيبة سواء كانت عائلية، أو نفسية ، أو صحية ، أو مالية ، أو دراسية ، أو غيرها، فإنك تراه صابراً عليها، مستسلماً لها من الجانب القلبي (المعنوي ) ويحمد الله تعالى عليها، أنها لم تكن في دينه إنما في دنياه ، وأنها ليست أكبر من هذه الواقعة التي حصلت ، ولأنه يرجو ثوابها من الله ، ولأمله في الفرج والمخرج منها قريباً. . لذا فهو مطمئن القلب ، هادئ الضمير، راض بقضاء الله وقدره ، بل إنه ينظر إليها من زاوية أخرى، إذ يتوقع أن تكون قد حدثت بسبب ذنوبه وتقصيره في حق الله تعالى، فيكثر عند ذلك من التوبة والاستغفار، ويلح في العودة إلى ربه ، وهذا خير كثير، ومكسب عظيم ، فتكون مفتاحاً وسبباً لمستقبل دنيوي وأخروي أفضل .

عاشراً : الترويح الهادف :
ولعل من الطرق الناجعة لعلاج هذا الملل هو : الترويح عن النفس بالأساليب المباحة وفي الأوقات والأمكنة اللائقة . لأن البعض إما أنه لا يعرف شيئا اسمه الترويح والاستجمام بحجة ارتباطه بأعماله الدائمة، فينتج عنه أن تمل نفسه وتضيق .
والترفيه الهادف هو الذي لا يتجاوز حدود المباح في عرف الشرع وليس في عرف الناس ، وهو الذي يشبع حاجات الناس الرئيسة بكل تكامل وانسجام ، ويعطي كل جانب فيه من الإهتمام والعناية ، ومن أهم تلك الجوانب : الجانب العلمي ، والإيماني ، والعقلي ، والجسمي ، والنفسي . . فإذا أعطي ، كل من هذه الجوانب نصيبها - خصوصاً في أوقات الترويح الطويلة - فإن الهدف المرجو بإذن الله يتحقق وذلك من مثل : تجديد النشاط ، وإزالة الملل ، والشعور بالأنس والسعادة، وغير ذلك من الأهداف الأخرى التي يعرفها من جرب هذا الترويح الهادف .

والعجيب .............
أن الملل ينشأ من الفراغ
والفراغ ينشأ من عدم وجود عمل
ولكنك إذا خلقت لنفسك سبل تنفعك وأعمال تفيدك
لأيقنت أن الوقت قليل بالنسبة لكم الأعمال المراد انجازها
وحينها يندثر الفراغ ويتطير الملل أشلاء في الهواء........!!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق