06‏/11‏/2010

﴿ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ ﴾




العمر ليس ألعوبة بين يديك…بل هو فرصة، لأن تتقرب فيه إلى الله عز وجل وتتزود لآخرتك، وكما قال الحسن البصري: ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي ابنَ آدم: أنا خلق جديد وعلى عملك شهيد، فتزود منى فإني لا أعود إلى يوم القيامة...

فالعاقل من اتخذها مزرعة للآخرة، وجعلها قنطرة عبور للحياة الباقية. فها هو ذا سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان يستقبل محرابه قابضاً على لحيته وقد أرخى الليل ستوره، وغارت نجومه، يتململ تململ العليل، ويبكي بكاء الحزين، ويقول: يا دنيا إليَّ تعرضتِ، أم إليَّ تشوفتِ؟ قد باينتكِ - طلقتك - ثلاثا لا رجعة لي فيكِ، فعمركِ قصير، وشأنكِ حقير، وخطركِ كبير، آهٍ من قلة الزاد، وبعد السفر، ومشقة الطريق.

نعم لقد مضى عام 1430 (2009) وأوشك العام الهجري 1431 (2010) على الانقضاء، والرحيل إلى ربه، يحمل صحائف أعمالنا، وبعد قليل تختم أيامه وشهوره، فلا تفتح إلى يوم القيامة.

يا ترى هل حاسبنا أنفسنا، وندمنا على ما مضى وتبنا إلى الله، هل عاهدنا الله أن نكون في العام المقبل خيرا من العام المدبر، لقد كان السلف الصالح رضوان الله عليهم يقولون: من استوى يوماه فهو مغبون، ومن كان يومه شراً من أمسه فهو ملعون، ومن لم يتفقد الزيادة في عمله فهو في نقصان، ومن كان في نقصان فالموت خير له.

ليت الخلق إذ خلقوا عملوا لما خلقوا وتجالسوا بينهم فتذكروا ما عملوا، ألا أتتكم الساعة فخذوا حذركم، فيا من كل ما طال عمره زاد ذنبه، يا من كلما أبيض شعره بمرور الأيام، اسود بالآثام قلبه.

قال الفضيل لرجل: كم أتى عليك؟ قال: ستون سنة. قال له: أنت منذ ستين سنة تسير إلى ربك يوشك أن تصل!!
وقال أبو الدرداء: إنما أنت أيام، كلما مضى منك يوم مضى بعضك.

من عرف حق الوقت، فقد أدرك قيمة الحياة، فالوقت هو الحياة، وحينما ينقضي عام من حياتنا، ويدخل عام جديد، فإنه لا بد وقفة محاسبة طويلة.

وكما قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون * ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون{

وقال صلى الله عليه وسلم: ((الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والأحمق من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني((.

ويقول سيدنا عمر رضي الله عنه: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، فإنه أهون عليكم في الحساب غدًا أن تحاسبوا أنفسكم، وتزينوا للعرض الأكبر، يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية".

وكتب سيدنا عمر رضي الله عنه إلى بعض عماله في الأمصار: "حاسب نفسك في الرخاء قبل حساب الشدة، فإن من حاسب نفسه في الرخاء قبل الشدة، عاد أمره إلى الرضا والغبطة، ومن ألهته حياته، وشغلته أهواؤه عاد أمره إلى الندامة والخسارة".

وقال ميمون بن مهران: "لا يكون العبد تقيًّا، حتى يكون لنفسه أشد محاسبة من الشريك لشريكه، ولهذا قيل: النفس كالشريك الخوان، إن لم تحاسبه ذهب بمالك".

وكان الحسن البصري رحمه الله تعالى يقول: "المؤمن قوّام على نفسه، يحاسب نفسه لله، وإنما خف الحساب يوم القيامة على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا، وإنما شق الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة".

فلا تقل لنفسك عيش يومك ولا تفكر في غدا وبعدها ستكتشف أن غداً هو اليوم وأن الأمس كان اليوم ولكن ذهب بعيد بأحزاننا , أفراحنا أحلامنا .
اسمع إلى هذا النداء:

يا أبناء العشرين! كم مات من أقرانكم وتخلفتم!!

ويا أبناء الثلاثين! أصبتم بالشباب على قرب من العهد فما تأسفتم!!

ويا أبناء الأربعين! ذهب الصبا وأنتم على اللهو قد عكفتم!!

ويا أبناء الخمسين! تنصفتم المائة وما أنصفتم!!

ويا أبناء الستين! أنتم على معترك المنايا قد أشرفتم، أتلهون وتلعبون؟ لقد أسرفتم!!

ويا أبناء السبعين! ماذا قدمتم وماذا أخرتم!!

يا أبناء الثمانين! لا عذر لكم!!


نحاسب أنفسنا على الماضي وعلى المستقبل من قبل أن تأتي ساعة الحساب.
• لا بد من وقفة محاسبة: نندم فيها على ما ارتكبنا من أخطاء.
• لا بد من وقفة محاسبة: نستقبل فيها العثرات.
• لا بد من وقفة محاسبة: ننهض فيها ونستدرك ما فات.


أرجو أن يقف وقفة تأملية مع ذاته يسأل نفسه ماذا فعلت في هذا العام المنصرم؟

• أأنجزت ما أردت انجازه , هل تقدمت ولو خطوة واحدة نحو الأمام ؟ هل أرضيت والديك؟
• هل كونت صداقة حميمة صالحة؟ هل أرضيت نفسك .. طموحك..وقبل كل شئ
• ربك؟ هل تصدقت .. كم مرة ؟ هل صليت صلاة التهجد في الثلث الأخير من الليل؟
• كم مرة ؟ هل أصلحت بين متخاصمين ؟ كم مرة؟ هل ابتسمت في وجه أخيك؟
• كم مرة ؟ هل قلت كلمة طيبة أثناء جلوسك مع الاخرين ؟ هل وهل وهل ؟ أنا لا
• ماذا فعلنا تجاه أنفسنا هل حققنا ماكنا نصبوا اليه؟أم أن الأعوام تتوالى ونحن

كما نحن لم نتغير ولم نجرؤ حتى ان نقف أمام انفسنا ونحاسبها على أخطاءها وعثراتها , تجاوزاتها , وربما أيضآ أهواءها .

هاهو العام سيودعنا وسيتلوه عامَ جديد , :
• اذهب وقبل رأس أمك قبل أن ينتهي العام حتى تذكر لك حسنة,
• اذهب وسامح من تريد ان تسامحه فالعفو عند المقدرة جزاءه عظيم,
• اذهب وجدد حياتك الدينية بصلاة او بصدقة أو حتى بكلمة طيبة
• اذهب وجدد علاقاتك الاجتماعية مع أخوتك , عائلتك , أصدقاءك وحتى مجتمعك!


إن محاسبة النفس لا تعنى عدم الحياة فقد قال تعالي في كتابه العزيز : {وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} أي انك تعمل لآخرتك ولا تنسى نصيبك من الدنيا فاعمل لهما معاً .
فكما تطمح لجمع المال في الدنيا اطمح لزيادة الحسنات لتلقاه في الآخرة وكما تتمنى أن تسكن القصور في الدنيا فارجوا من الله أن تسكنها في الآخرة فكيف تسعى أن تكون غنى في الدنيا وأنت تعيش عمر قصير وتترك غناك في الآخرة وفيها الخلود .


وكيف لا تعجب من نفسك

وأنت تسمع يوميا أغنية
فاجعل في يومك وقت لسماع سورة من القرآن
وأنت تسمع برنامج أو لقاء
فاجعل في يومك وقت لسماع خطبة
وأنت تقرأ الأخبار يوميا
فاجعل في يومك وقت لقراءة القرآن الكريم


((اجعل يومك مقسم بين عمل لسعى الحياة .........وعمل للوصول إلى النجاة
بأعمال تبتغى فيه وجه الله ..............وتكون لك الجنة دار ليس بها فناء))

اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا ، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً!!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق