03‏/11‏/2010

كيف نتعامل مع المسن ؟؟؟


قال تعالى:
"الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة
ثم جعل من بعد قوة ضعفاً وشيبة يخلق الله ما يشاء وهو العليم القدير"
صدق الله العظيم (سورة الروم 54)

قال تعالى:
" وقل رب ارحمهما كما ربياني صغير"
صدق الله العظيم (الإسراء 24)


يظهر على الإنسان بعد سن الخمسين من عمره؛ تغيرات جسمية ونفسية كثيرة، فالحواس يضعف أداؤها، والأعضاء يظهر عليها الترهل والسمنة، أو الذبول والوهن، كما تضعف الذاكرة، وتقل الشهية للطعام والنوم، وتضعف الطاقة والحيوية بصورة عامة.

أيضاً يظهر على المسنين مظاهر الغيرة والأنانية، ومحاولة الاستئثار بالاهتمام ولفت الانتباه، والحرص الشديد على الممتلكات الشخصية، مهما كانت قيمتها، وقد تظهر على البعض منهم صفات الشك والانتقاد المستمر لتصرفات الآخرين، كما قد يقود ذلك إلى نوع من عدم السيطرة على المشاعر، وعدم الاكتراث بضوابط السلوك، وقد يصل الأمر ببعضهم إلى الانسحاب والعزلة.

كما نلمس في غالب المسنين؛ وجود شعور ذاتي لديهم، بعدم القيمة من وجودهم، وأن الآخرين لا يقبلونهم، ولا يرغبون في وجودهم، نتيجة انشغال الأولاد عنهم، أو نتيجة موت الزوج، أو تقدم العمر، أو المرض، كما قد يشعر البعض بعدم جدواه في هذه الدنيا، فتجده يذكر الموت بين فترة وأخرى، وكأنه ينتظر الأجل المحتوم. كما نجد كذلك أن المسنين يعانون من مشكلات اقتصادية، وذلك يرجع إلى نقص في الموارد المالية، نتيجة لتقاعدهم إجبارياً أو اختيارياً، وبالتالي سيجدون أنفسهم في مواجهة انخفاض الدخل، مع تزايد الأعباء المالية، وهذا قد يعمق الشعور لديهم بعدم الأمن الاقتصادي في مواجهة أحداث المستقبل.

لهذا لابد لكل فرد منا؛ أن يتفهم حاجات كبار السن، ومطالب مرحلتهم العمرية، وأن يتفهم مشاعرهم وسلوكياتهم، وأن يدرك الأساليب المفيدة في رعايتهم، والتعامل معهم.

يحتاج كبار السن إلى توفير أجواء من الحب والدعم والتعاطف والمساندة النفسية، حتى نعينهم على التكيف مع أوضاعهم، وأن نشعرهم بقيمتهم في الحياة. المسنون يحلو لهم الحديث عن الماضي والذكريات القديمة، لهذا يجب الإنصات لهم باهتمام،
وتحفيزهم على إخراج ما عندهم من سيل الذكريات، والتعبير عما يجيش في خواطرهم، وهذا مما يخفف من حدة القلق والضيق الذي يجدونه. أيضاً ينبغي مساعدتهم في المحافظة على صحتهم النفسية، وذلك من خلال الإشادة بما قاموا به في الماضي من أعمال إيجابية، والتحدث عن إنجازاتهم؛ خاصة تلك التي تشعرهم بالرضا والفخر والاعتزاز، وتساعدهم في توضيح أدوارهم، ومسؤولياتهم الأسرية والمجتمعية.

كما يجب إعانتهم على أداء العبادات، وفعل الطاعات، وتذكيرهم برحمة الله وعفوه وغفرانه، وما أعدّه الخالق جلّ جلاله لعباده الصالحين، من نعيم لا ينفد؛ حتى تطمئن أنفسهم، وتنشرح صدورهم، وتستقيم أفكارهم.

إن الإسلام يعمل على تعزيز التضامن الأسري فهو يحث على احترام المسنين خاصة الوالدين،فالاهتمام بالمسنين إضافة إلى كونه مبدأ راسخا من مبادئ ديننا الإسلامي الحنيف فهو يستند أيضا إلى اعتبارات تنموية تتصل بشريحة من المجتمع يمكن الاستفادة منها ومن تجاربتها كون الكبار السن يعدون رمزا للخبرة ويشكلون العمود الفقري للمجتمع، كما ان الرعاية والاهتمام بالمسنن ضرورة للحفاظ على التماسك المجتمع وترابطه.

ولنحسن التعامل مع المسن علينا بذلك .....

أولاً: المسن يحتاج للحنان والرعاية والعطف مثل الصغير تماماً ويجب أن لا نبخل عليه بذلك .

ثانياً: يجب عدم الاصطدام مع المسن في رأي معين لأن موافقته وقتياً ومن ثم العودة مرة أو مرات أخرى لمحاولة إقناعه تأتي غالباً بما نرغبه من نتائج .

ثالثاً: المسن لا يتحمل الإلحاح عليه ومطالبته بالإسراع في أمر ما واستعجاله ويجب أن نعطيه الوقت الكافي لإنجاز ما يريد عمله.

رابعاً: يجب عدم مؤاخذة المسن لبرودته أو عدم اكتراثه بأمر معين لأن هذا يعين فقط أنه يحتاج إلى وقت أطول للتفاعل مع الأحداث لا عدم المبالاة .

خامسا: يجب أن ندرك أن المسن يستمتع بالحديث عن الماضي السحيق لأنه يتذكره أكثر من الأحداث القريبة ولأنه يشعر باستعراض تجاربه وخبراته ، فعلينا أن لا نحرمه من ذلك بل نظهر له التفاعل والإعجاب .

سادساً: إن قصور السمع والبصر لدى المسن يجعله يبتعد شيئاً فشيئاً عن أحداث الواقع وذلك يوجب علينا التحدث بصوت مسموع ومحاولة جذب المسن للواقع بإخباره بما يدور من حوله وأخذ رأيه ومداعبته لأن ذلك مما يؤخر في عملية الانفصال عن الواقع والتي تحدث في الشيخوخة المتأخرة أو الهرم

سابعاً: عند انتقال المسن من منزله الذي تعود عليه إلى مكان آخر مثل المستشفى مثلاً يتوجب الاهتمام بتقريبه للواقع والتحدث معه وإخباره عن المكان والزمان والناس من حوله ليظل مرتبطاً بواقعه .

ثامناً: يجب أن لا ننسى أن دعوة الوالد لولده لا ترد وما ورد في فضل بر الوالدين ووجوبه وأن الله ذكر ذلك بعد ذكر اسمه جل جلاله في أكثر من موضع وقد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم سوء حال من أدرك والديه أو أحدهما ولم يدخل فيها الجنة وانه يعيش بيننا والدينا وكبارنا وقد أمر الله عز وجل بالإحسان إليهم وحسن برهم ورد الجميل إليهم وأداء هذه الوصية ليست بالأمر السهل إذ يتطلب من الأبناء والأقارب كي يحسنوا التعامل معهم أن يتعرفوا على مرحلة المسنين وخصائصها النفسية والتغييرات التي تطرأ على الكبار في سنهم المتقدمة.
ومن الاحتياجات الضرورية للمسن هذه ....
أولا: الاحتياجات النفسية:

1_حفظ كرامة المسن، واحترامه، إشعاره بأهميته في الحياة.
2_ توفير جو اسري امن لرعاية المسن مما يساعده على التوافق النفسي .
3_ إشباع حاجاته الوجدانية عبر تواصله مع الأقارب ومشاركته في المناسبات والأعياد المتخلفة.
4_ تشجيعهم على الاعتماد على أنفسهم في قضاء احتياجاتهم الشخصية مما تسهم في تعزيز الثقة في أنفسهم.
5_ خصص له وقتا للحديث والجلوس معه، وأشعره بأهميته وبان له دور فعال في البيت.
6_ عبر عن احترامك وتوقيرك له وبشكل مستمر.

ثانيا: الاحتياجات الاجتماعية:
1_ تيسير حياة المسن الاجتماعية وعلاقاته الأسرية ليعيش في إطار الدفء العائلي.
2_ تعاون أفراد الأسرة في تلبية احتياجات المسن.
3_ تجنيب المسن الوحدة والعزلة الاجتماعية من خلال المشاركة في الأنشطة والزيارات.
4_ الاهتمام بالرعاية الدينية للمسن، فالمسن الأكثر وعيا دينيا وأكثر توافقا صحيا، ونفسيا ، وعقليا، واجتماعيا، واسريا.
5_ البعد عن إزعاجهم وتجنب الشجار وإثارة الجدل معهم..

ثالثا: الرعاية الصحية
1_ توفير الرعاية الصحية من خلال الفحص الطبي والدوري للكشف عن اي مشكلات صحية.
2_ توفير العلاج الطبيعي للمسنين الذي تتطلب حالتهم الصحية ذلك.
3_ الاهتمام بنوعية وكمية الغذاء اللازم للمسنين.
4_ توفير دور رعاية خاصة بالمسنين مجهزة بأحدث التقنيات والأجهزة و الوسائل العلاجية.

وفي فنون التعامل مع المسن......


1- مبادرة المسن بالتحية والسلام والمصافحة : ويضاف اليه تقبيل الرأس واليد لاسيما إن كان أبا أو أما أو عالما .

2- رفع الروح المعنوية لديه وذلك بحسن استقباله والترحيب به والدعاء له وإظهار البشر بقدومه والتبسم في وجهه فهذا يشعره بحب المجتمع له وفرحه بوجوده وأنه غير منبوذ أو مكروه في مجتمعه.

3- سؤال المسن عن ماضيه وذكرياته وانجازاته والإصغاء إليه وعدم مقاطعته وينبغي أن يدرك من يتعامل معه أن المسن تظل ذكرياته الماضية حية ماثلة أمامه فهو يتذكر جيدا أعماله التي قدمها في شبابه ويرغب في الحديث عنها بنفسه أو التحدث عنها مع غيره .

4- إبراز جهود وانجازات المسن والحديث عن ما قدمه من خدمات لمجتمعه والدعوة إلى الاقتداء به والدعاء له ذو اثر ايجابي عليه وإشعاره بأهميته وخاصة في اللقاءات والمناسبات العائلية فشعور المسن أنه قد أنجز أعمالا باهرة وانه قد كافح بعصا ميتة حتى نال ما نال هذا الشعور يولد نعيما لا ينضب من السعادة النفسية وزادا لا ينفذ لراحته العاطفية وأن أيامه أيام خير وجيله جيل أعمال ورجال.

5- الحذر من الاستئثار بالحديث في حضرتهم أو تجاهلهم دون منحهم فرصة لتعبير عن مشاعرهم أو ذكر شيء من آراءه وخبراته.

6- عدم التبرم والضجر من تعصب المسن لماضيه لان تعصب المسن لماضيه يمثل بالنسبة له القوة والنشاط والمكانة الاجتماعية والانجازات التي قدمها فينبغي تلمس العذر له وتفهم حاله.

7- ضرورة الاقتراب من المسن لاسيما أقرباءه وأصدقاءه :ففي هذه المرحلة من العمر يزداد الشعور بالوحدة والغربة ويشعر المسن بانسحاب الأقارب والأصدقاء عنه وعدم السؤال عن أحواله أو الاتصال به أو الحديث معه وهذا الوضع قد يزيد الخيبة والحسرة لديه ويدهور شخصية المسن ويزيد الشعور بالأمراض والآلام.

8- مساعدة المسن على المشاركة الاجتماعية وحضور المناسبات والعزائم والتكيف مع وضعه الجديد.

9- إشغال المسن بما ينفعه من أمور دنياه وآخرته إما بتكوين علاقات جديدة وصدقات أخرى مع أنداده في السن أو المشاركة في حلقات تحفيظ لكبار السن وقراءة القران وملازمة المساجد والجماعة.

10- مراعاة التغيرات العضوية والنفسية والعقلية عند المسن حيث يصبح غالبا عرضة لكثير من التغييرات الجسمية والنفسية.

11- مراعاة آداب المجالسة والمخالطة والمصاحبة في حضرة كبار السن وفي الغالب يكثر وجوده في أكثر مجالس الناس اليوم.

12- المبادرة إلى معاونة المسن ونفعه حيث تزداد حاجته إلى المعاونة والمساعدة من قبل الآخرين بسبب ضعفهم وعجزهم.

13- تطييب نفوس المسنين وتقوية قلوبهم.

14- حماية المسن من مخاوف الكهولة ومنها الخوف من فقدان المركز الاجتماعي والقلق بشأن الحالة الصحية والمادية كما تساور المسن مشاعر انعدام الفائدة واستنفاذ الفاعلية وازدياد مرارة الشعور بالوحدة كلما قل الناس من حوله وخاصة الأولاد والأهل أو تناقص الأصدقاء.

15- حماية المسن من الانسحاب الاجتماعي : بسبب تقدم السن والعجز والأمراض وضعف السمع والبصر مما هو من علامات الشيخوخة يميل المسن إلى الاعتذار كثيرا عن المشاركة الاجتماعية في بعض اللقاءات الأسرية أو الاجتماعية وإذا حضر يظل ساكتا دون مشاركة لذلك ينبغي على من حوله وقايته من هذا الانسحاب حتى لا يصبح سلوكا عاما للمسن الأمر الذي يزيد مرضه أو غربته.

16- عدم تعريض المسن للعنت والمشقة فقد شاءت الشريعة بمراعاة الكبير وخففت عنه في كثير من العبادات والواجبات لهذا يلزم من يتعامل معه ألا يعرضه لمواقف فيها مشقة بل يرفق به ويكلف ما يطيق وإذا عجز عن أمر ما وجب مساعدته.

17- إشعار المسن بالعناية والاهتمام ويـتأكد على من يربطه بهم قرابة أو صداقة أو زمالة عمل أو جوار.

18- ملء فراغ المسن بالأمور النافعة ومن ذلك ربطهم بالمساجد وبرامجه ومحاضراته والمشاركة في الأنشطة والمخيمات القيام برحلات داخلية وأداء العمرة والأماكن المقدسة توفير مكتبة ثقافية في مكانه وممارسة بعض التمارين الرياضية.

19- التعرف على ابرز مشكلات المسنين في هذا المرحلة والتي أدت إلى ضعف الصلات الاجتماعية عندهم ومن أبرزها :استهزاء الناس بكبار السن وعدم زيارة الأقارب لهم وكراهية الناس لكبار السن ؛ أفكار المسنين لا تعجب الأولاد ؛الشعور بالعزلة ؛ عدم وجود أصحاب يتحدث المسن معهم عن همومه ؛أفراد الأسرة غير متفهمين لمشكلاته ؛ رفض الأولاد الجلوس مع المسن والحديث معه ؛ كثرة الخلافات الزوجية ؛ شعور المسن بأنه أصبح عبئا ثقيلا على أفراد أسرته ؛ الجيران يتضايقون منه ؛ أفراد الأسرة يتمنون موته.

20- العناية بنظافة كبار السن وستر عوراتهم.

21- وتذكير المسن بأوقات العبادات.

22- أهمية تبصير الأسرة بحقوق المسن وضرورة العناية به لأنه مع طول زمن الضعف والعجز الذي وصل إليه المسن ربما يهمل أفراد الأسرة التعاطف معه أو زيارته والسؤال عنه.

23- ضرورة تعليم الأولاد والصغار وتدربيهم على رعاية الوالدين تعويد الأولاد على المشاركة في الأعمال الأسرية وخاصة تقديم الخدمات إلى الوالدين وكبار السن داخل الأسرة يقوي العلاقة بهم ويصبح الأولاد والأحفاد في المستقبل بارين بكبار السن ويظهرون الاحترام والتقدير لهم فيبادر الأولاد بالسلام عليهم قبل غيرهم ويقبلون رؤوسهم وأيديهم لأنهم اعتادوا على هذه الأمور منذ الصغر.

24- الحضور بالأولاد إلى مجالس المسنين.

25- العناية بغذاء المسنين ومراعاة حالتهم الصحية والنفسية.

26- ضرورة العناية بتربية النشء من مرحلة مبكرة على احترام كبار السن وتقديرهم وإكرامه وحسن معاملتهم


وأخيراً
احرص على رسم ابتسامه صادقة على شفتيه
ضع يدك على يده أو على كتفه فهذه اللمسة الحنونة تطمئنه
لا تجادله فيمها يقول ولا تغالطه اعلم انه كالطفل تملكه وتسعده باهتمامك ورعايتك !!!

ولتعلم أن المسن !!!
هو كتلة من الأحاسيس ومشاعر وأرهفها الزمن
هو ارض متعطشة لغيث حنانك واهتمامك
هو والدك أو والدتك ...جدك أو جدتك ... هو أنت أو أنا غداً...!!!
فأعمل لذلك فإنكم مجاز به..........
وواصل إليه...........

(هل جزاء الإحسان إلا الإحسان )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق